إذا فرغنا من هذه المسألة و تبين أن المراد من قوله تعالى :
أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور
أنه الله تعالى كما أفاده حديث الجارية ، اما الملائكة فهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون ,و قد دلت الأحاديث الغفيرة على أن عدد الملائكة لا يحصيها إلا الله تعالى , و أن البيت المعمور يدخله سبعون ألف ملك للتعبد ثم لا يعودون إليه و هو بمثابة الكعبة للمسلمين غير أنه للملائكة فوق السماء السابعة ، و دلت أحاديث التي ذكرنا و غيرها من أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم أن الملائكة في السماء لا يستكبرون عن عبادة الله الخالق و قد قربهم الله إليه كما قال الله تعالى في كتابه العزيز:
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
يعني جل ثناؤه بقوله : " لن يستنكف المسيح " ، لن يأنف ولن يستكبر المسيح " أن يكون عبدا لله " ، يعني : من أن يكون عبدا لله ، كما : -
10856 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون " ، لن يحتشم المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة .
[ ص: 425 ]
وأما قوله : "ولا الملائكة المقربون" ، فإنه يعني : ولن يستنكف أيضا من الإقرار لله بالعبودة والإذعان له بذلك ، رسله"المقربون" ، الذين قربهم الله ورفع منازلهم على غيرهم من خلقه .
وروي عن الضحاك أنه كان يقول في ذلك ، ما : -
10857 - حدثني به جعفر بن محمد البزوري قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، عن الأجلح قال : قلت للضحاك : ما"المقربون" ؟ قال : أقربهم إلى السماء الثانية . إنتهى كلام الإمام الطبري
و الذي عليه المسلمون أن أفضل الملائكة عند الله و اقربهم إليه : جبريل ، ميكائيل ، إسرافيل ، ملك الموت ، حملة العرش ...
و قد دل تفسير آيات سورة النجم على أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى جبريل في السماء على هيئته التي خلقه الله عليها ليلة المعراج وغير هذا من الأدلة قد يطول و نكتفي بهذا القدر و الله المستعان