عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ :
إِن ربكُم حَيّ كريم يستحي من عَبده إِذا رفع يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَن يردهما صفراً
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :
مَا رفع قوم أكفهم إِلَى الله عز وَجل يسألونه شَيْئا إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يضع فِي أَيْديهم الَّذِي سَأَلُوهُ
من المعلوم الذي لا ينكره أحد ان الانسان اذا رفع يديه للدعاء فإنه يسأل الله تعالى و يتوجه إليه راغبا و راهبا و هذا ما توكده روايات حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم.
ان نبينا صلى الله عليه و سلم لا ينطق عن الهوى و قد قرر عليه الصلاة و السلام ما جبل الله عليه الإنسان و فطره عليه من رفع الأيدي و الأبصار في تضرعه و مناجاته لرب البريات فجاء في بعض الروايات قوله :
رفع يديه إليه
فدل على ان رفع اليدين إلى السماء لا يفيد ان السماء قبلة الدعاء كما زعمه الزاعمون إنما يدل بدليل قول المصطفى صلى الله عليه و سلم ان رفعها إنما هو إلى ذات الله تعالى الذي استوى على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته.لا ندخل في ذلك متاؤلين باراءنا و لا متوهمين باهواءنا .مثبتين لله ما اثبته لنفسه في كتابه عند قوله تعالى في محكم تنزيله :
الرحمن على العرش استوى
.و هذا المعنى هو الذي تثبته الرواية الأخرى التي جاء فيها بقوله صلى الله عليه و سلم :
ما رفع قوم أكفهم إلى الله
فظاهر أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم في هذا لا يحتاج إلى تأويل و ما يفعله المبطلون إنما هو تحريف الكلم عن مواضعه و قد قال الله للمغضوب عليهم قولوا حطة فقالوا حنطة. و قد عاب الله عليهم هذا السلوك من صرف الكلم عن معناه الحقيقي و تحريفه و تبديل كلامه في مواضع كثيرة من كتابه العزيز و كان ينبغي عليهم عدم تكلف أمور قد اغناهم الله عنها كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أراد تفسير قوله تعالى و فاكهة و ابا فقال اما الفاكهة فقد عرفناها اما الاب فهو تكلف .
و هذه الأمور التي يحاول هولاء تحريف معناها بحجة التأويل انما هي من أمور الغيب التي أمرنا الله بالإيمان بها كما جاءت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لان عقولنا مهما أوتيت من علم - قليل - لا تستطيع الإحاطة بها.
اعلموا ان الله اصدق القائلين.
و من أصدق من الله قيلا
و من أحسن من الله حديثا
فإذا كان ربنا كذلك و أخبرنا عن ذاته بصفات فما علينا إلا تصديقه و الإيمان بما قال و علينا الإعراض عن كل مخالف لما جاءنا عن نبينا صلى الله عليه و سلم كما قال الله تعالى :
و لله الأسماء الحسنة فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسماؤه سيجزون ما كانوا يعملون
و قد قال الله فيهم :
افرايت من اتخذ إلهه هواه
فأنت تقول له قال الله في سورة كذا في الآية كذا و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الأحاديث الصحيحة و قال الصحابة و من بعدهم من التابعين بإحسان مصداقا لما جاء في الوحيين و يأتيك بأقوال لم يقلها لا الصادق المصدوق و لا صحبه الكرام رضوان الله عليهم و إنما هي أهواء ضالة اصلها جدال المتكلمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم على مبدء قياسات العقول في مضاهات الوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم